فصل: فائدة: (التقديم والتأخير في الآية الكريمة):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عادل:

قوله: {وامرأتي عَاقِرٌ} جملة حالية، إما من الياء في لِي فيتعدد الحال- عند مَنْ يراه- وإما من الياء في {بَلَغَنِي}، والعاقر: مَنْ لا يولد له رجلًا كان أو امرأة، مشتقًا من العَقْر، وهو القتل، كأنهم تخيلوا فيه قتل أولاده، والفعل- بهذا المعنى- لازم، وأما عَقَرْتُ- بمعنى نَحَرْت فمُتَعَدٍّ.
قال تعالى: {فَعَقَرُواْ الناقة} [الأعراف: 77].
وقال الشاعر: [الطويل]
......................... ** عَقَرْتَ بَعِيرِي يَا امْرَأ الْقَيْسِ فَانْزِلِ

وقيل: عاقر- على النسب- أي: ذات عقر، وهي بمعنى مفعول، أي: معقورة، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث، والعَقْر بفتح العين وضمها- أصل الشيء، ومنه عقر الدار، وعقر الحوض، وفي الحديث: «ما غُزِيَ قَوْمٌ قَطٌّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلاَّ ذَلُّوا» وعقرته، أي: أصبت عقره، أي: أصله- نحو رأسته، أي أصبت رأسه، والعقر- أيضا- آخر الولد، وكذلك بيضة العَقر، والعقار: الخمر لأنها تعقر العقل- مجازًا- وفي كلامهم رفع فلان عقيرته، أي: صوته، وذلك أن رَجَلًا عُقِرَ رجله فرفع صوته، فاستُعِير ذلك لكلّ من رفع صوته. وقال: وأنشد الفراء: [الرجز]
أرْزَامُ بَابٍ عَقُرَتْ أعْوَامَا ** فَعَلَّقَتْ بُنَيَّهَا تَسْمَامَا

وقال بعضهم: يقال: عَقُرت المرأةُ تعقُر عَقْرًا وعَقَارًا ويقال: عَقُر الرجل وعَقَر وعَقِرَ إذا لم تَحْبَل زوجته، فجعل الفعل المسند إلى الرجل أوسع من المسند إلى المرأة.
قال الزّجّاج: عاقر بمعنى ذات عُقر قال: لأن فَعُلْت أسماء الفاعلين منه على فعيل نحو ظريفة، وكريمة، وإنما عاقر على ذات عُقْر، قلت: وهذا نص في أن الفعل المسند للمرأة لا يقال فيه إلا عَقُرَتْ- بضم القاف؛ إذْ لَوْ جاز فَتْحها، أو كسرها لجاء منهما فَاعِل- من غير تأويل على النسب، ومن ورود عاقر وصفًا للرجل قول عامر بن الطفيل: [الطويل]
لَبِئْسَ الْفَتَى إنْ كُنْتُ أعْوَرَ عَاقِرًا ** جَبَانًا فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلِّ مَحْضَرِ

قال القرطبيُّ: والعاقر: العظيم من الرمل، لا يُنْبِت شيئًا، والعُقْر- أيضا- مهر المرأة إذا وطئت بِشُبْهَةٍ وبَيْضَةُ الْعُقْر: زعموا أنها بيضة الديك، لأنه يبيض في عمره بيضةً واحدةً إلى الطول، وعقر النار- أيضا- وسطها ومعظمها وعقر الحوض: مُؤخِّره- حيث تقف الإبل إذا وردت. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله: {قَالَ كذلك الله يَفْعَلُ مَا يَشَاء}:

.قال الفخر:

قال صاحب الكشاف {كذلك الله} مبتدأ وخبر أي على نحو هذه الصفة الله، ويفعل ما يشاء بيان له، أي يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادة. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} في الكاف وجهان:
أحدهما: أنها في محل نصب، وفيه التخريجان المشهوران:
الأول- وعليه أكثر المعربين-: أنها نعت لمصدر محذوف، وتقديره يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة، مثل ذاك الفعل، وهو خلق الولد بين شيخ فَانٍ وعجوز عاقرٍ.
والثاني أنها في محل نصب على الحال من ضمير ذلك المصدرِ، أي: يفعل الفعل حال كونه مثل ذلك وهو مذهب سيبويه، وقد تقدم أيضاحه.
الثاني- من وجهي الكاف-: أنها في محل رفع خبر مقدَّم، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر، فقدره الزمخشري على نحو هذه الصفة لله، ويفعل ما يشاء بيان له، وقدره ابن عطية: كهذه القدرة المستغربة هي قدرة الله.
وقدّره أبو حيّان، فقال: وذلك على حذف مضاف، أي: صنع الله الغريب مثل ذلك الصنع، فيكون {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} شرحًا للإبهام الذي في اسم الإشارة.
فالكلام- على الأول- جملة واحدة، وعلى الثاني جملتان.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن تكون الإشارة بذلك إلى حال زكريا وحال امرأته، كأنه قال: رَبِّ على أيّ وجه يكون لنا غلام ونحن بحال كذا؟ فقال لهما: كما أنتما يكون لكما الغلام، والكلام تام، على هذا التأويل- في قوله: {كذلك}، وقوله: {الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} جملة مبيِّنة مقررة في النفس وقوع هذا الأمر المستغرب.
وعلى هذا الذي ذكره يكون {كَذَلِكَ} متعلقًا بمحذوف، و{اللهُ يَفْعَلُ} جملة منعقدة مع مبتدأ وخبر. اهـ.

.فائدة: [التقديم والتأخير في الآية الكريمة]:

قال ابن عادل:
قدم في هذه السورة حال نفسه، وأخَّر حالَ امرأته، وفي سورة مريم عكس.
فقيل: لأن ضَرْبَ الآيات- في مريم- مطابق لهذا التركيب؛ لأنه قدَّم وَهْنَ عَظْمِه، واشتعالَ شيْبه، وخوفه مواليه ممن ورائه، وقال: {وَكَانَتِ امْرَأتِي عَاقِرًا} فلما أعاد ذِكْرَهما في استفهامه أخر ذِكْر الكِبَر، ليوافق رؤوس الآي- وهي باب مقصود في الفصاحة- والعطف بالواو لا يقتضي ترتيبًا زمانيًّا فلذلك لم يبال بتقديم ولا تأخير. اهـ.
فصل:

.فائدة: [معنى الغلام]:

قال ابن عادل:
الغلام: الفَتِيُّ السِّنِّ من الناس- وهو الذي بَقَلَ شَارِبُه- وإطلاقه على الطفل وعلى الكهل مجاز؛ أما الطفل فللتفاؤل بما يئول إليه، وأما الكهل، فباعتبار ما كان عليه.
قالت ليلى الأخيليّة: [الطويل]
شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ** غُلاَمٌ إذَا هَزَّ القَنَاةَ سَقَاهَا

وقال بعضهم: ما دام الولد في بطن أمِّه سُمِّي جَنِينًا، قال تعالى: {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32] سمي بذلك لاجتنانه في الرحم، فإذا وُلِدَ سُمِّي صَبِيًّا، فإذا فُطِمَ سمي غُلامًا إلى سبع سنين، ثم يُسَمَّى يافعًا إلى أن يبلغ عشر سنين، ثم يُطْلَق عليه حَزَوَّر إلى خمس عشرة سنة، ثم يصير قمرًا إلى خمس وعشرين سنةً، ثم عنطْنَطًا إلى ثلاثين.
قال الشاعر: [الطويل]
وَبِالْمَخْضِ حَتَّى صَارَ جَعْدًا عَنَطْنَطًا ** إذَا قَامَ سَاوَى غَارِبَ الْفَحْلِ غَارِبُهْ

ثم حَلْحَلًا إلى أربعين، ثم كَهْلًا إلى خمسين- وقيل: إلى ستين- ثم شيخًا إلى ثمانين، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى عند قوله: {فِي المهد وَكَهْلًا} [آل عمران: 46] ثم هو راغم بعد ذلك.
واشتقاق الغلام من الغِلْمَة والاغتلام، وهو طلب النكاح، لما كان مسببًا عنه أخذ منه لفظه.
ويقال: اغتلم الفَحْلُ: أي: اشتدت شهوتُه إلى طلب النكاح، واغتلم البحر، أي: هاج وتلاطمت أمواجه، مستعار منه.
وجمعه- في القلة- أغْلِمَةٌ، وفي الكثرة: غِلْمان، وقد جمع- شذوذًا- على غِلْمَة، وهل هذه الصيغة جمع تكسير أو اسم جمع؟
قال الفراء: يقال: غلام بيِّن الغلومة والغلومِيَّة والغُلامية، قال: والعرب تجعل مصدر كل اسم ليس له فعل معروف على هذا المثال فيقولون: عبد بَيِّنُ العبودية والعُبَاديَّة يعني لم تتكلم العرب من هذا بفعل.
قال القرطبي: والغَيْلم: ذكر السلحفاة، والغَيْلم: موضع.
وهي مصدر كَبِر يَكْبَر كِبَرًا أي: طعن في السِّنِّ، قال: [الطويل]
صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أنَّنَا ** إلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ البَهْمُ

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى في قصة زكريا عليه السلام: {أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر} وفي سورة مريم: {أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا} للسائل أن يسأل عن اختلاف السياق في الآيتين مع اتحاد معناهما.
والجواب عن ذلك والله أعلم: أن المعنى وإن كان في السورتين واحدا وفى قضية واحدة فإن مقاطع آى وسورة مريم وفواصلها استدعت ما يجرى على حكمها ويناسبها من لدن قوله تعالى في افتتاح السورة: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا} إلى قوله في قصة عيسى عليه السلام: {والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}، لم تخرج فاصلة منها عن هذا المقطع ولا عدل بها إلى غيره ثم عادت إلى ذلك من لدن قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم أنه كان صديقا نبيا} إلى آخر السورة فاقتضت مناسبة آى هذه السورة ورود قصة زكريا عليه السلام على ما تقدم ولم يكن غير ذلك ليناسب أما آية آل عمران فلم يتقيد ما قبلها من الآى وما بعدها بمقطع مخصوص فجرت هي على مثل ذلك والله أعلم. اهـ.

.من لطائف القشيري:

قيل كان بين سؤاله وبين الإجابة مدة طويلة ولذلك قال: أنَّى يكون لي غلام؟
ويحتمل أنه قال: بأي استحقاقٍ مني تكون له هذه الإجابة لولا فضلك؟
ويحتمل أنه قال أنَّى يكون هذا: أَعَلَى وَجهِ التبني أم على وجه التناسل؟
ويحتمل أنه يكون من امرأة أخرى سوى هذه التي طعنت في السن أو من جهة التَّسرِّي بمملوكة؟ أمْ مِنْ هذه؟
فقيل له: لا بَلْ مِنْ هذه؛ فإنكما قاسيتما وحشة الانفراد معًا، فكذلك تكون بشارة الولد لكما جميعًا. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
إن زكريا- وهو الطالب- يصيبه التعجب من الاستجابة فيتساءل. كيف يكون ذلك؟ والحق يورد ذلك ليعلمنا أن النفس البشرية دائما تكون في دائرات التلوين، وليست في دائرات التمكين، وذلك ليعطي الله لخلقه الذين لا يهتدون إلى الصراط المستقيم الأسوة في أنه إذا ما حدث له ابتلاء فعليه الرجوع إلى الله، فيقول زكريا: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ}.
إن بلوغ الكبر ليس دليلا على أنه عاجز عن الإنجاب لأنه يكون كبير العمر، وقادرا على إخصاب امرأة، ذلك أن الإخصاب بالنسبة لبعض الرجال ليس أمرا عسيرا مهما بلغ من العمر إن لم يكن عاقرا، ولكن المرأة هي العنصر المهم، فإن كانت عاقرا، فذلك قمة العجز في الأسباب. ولو أن زكريا قال فقط: {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} لكان أمرا غير مستحب بالنسبة لزوجته، ولكان معنى ذلك أنه نسب لنفسه الصلاحية وهي غير القادرة.
إنه أدب النبوة وهو أدب عال؛ لذلك أوردها من أولها: {وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} ولنر دقة القول في: {بَلَغَنِي الْكِبَرُ} أنه لم يقل: بلغت الكبر بل يقول: إن الكبر هو الذي جاءني ولم أجيء أنا إلى الكبر؛ لأن بلوغ الشيء يعني أن هناك إحساسا ورغبة في أن تذهب إليه، وذكر زكريا {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} هو تضخيم لطلاقة القدرة عند من يستمع للقصة، لقد أورد كل الخوالج البشرية، وبعد ذلك يأتي القول الفصل: {قَالَ كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} إنها طلاقة القدرة التي فوق الأسباب لأنها خالقة الأسباب. ويقول زكريا: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِّي آيَةً}. اهـ.

.سؤالان وجوابان للفخر:

السؤال الأول: قوله: {رَبّ} خطاب مع الله أو مع الملائكة، لأنه جائز أن يكون خطابًا مع الله، لأن الآية المتقدمة دلت على أن الذين نادوه هم الملائكة، وهذا الكلام لابد أن يكون خطابًا مع ذلك المنادي لا مع غيره، ولا جائز أن يكون خطابًا مع الملك، لأنه لا يجوز للإنسان أن يقول للملك: يا رب.
والجواب: للمفسرين فيه قولان:
الأول: أن الملائكة لما نادوه بذلك وبشروه به تعجب زكريا عليه السلام ورجع في إزالة ذلك التعجب إلى الله تعالى.
والثاني: أنه خطاب مع الملائكة والرب إشارة إلى المربي، ويجوز وصف المخلوق به، فإنه يقال: فلان يربيني ويحسن إلي.
السؤال الثاني: لما كان زكريا عليه السلام هو الذي سأل الولد، ثم أجابه الله تعالى إليه فلم تعجب منه ولم استبعده؟
الجواب: لم يكن هذا الكلام لأجل أنه كان شاكًا في قدرة الله تعالى على ذلك والدليل عليه وجهان:
الوجه الأول: أن كل أحد يعلم أن خلق الولد من النطفة إنما كان على سبيل العادة لأنه لو كأن لا نطفة إلا من خلق، ولا خلق إلا من نطفة، لزم التسلسل ولزم حدوث الحوادث في الأزل وهو محال، فعلمنا أنه لابد من الانتهاء إلى مخلوق خلقه الله تعالى لا من نطفة أو من نطفة خلقها الله تعالى لا من إنسان.
الوجه الثاني: أن زكريا عليه السلام طلب ذلك من الله تعالى، فلو كان ذلك محالًا ممتنعًا لما طلبه من الله تعالى، فثبت بهذين الوجهين أن قوله: {أنى يَكُونُ لِي غلام} ليس للاستبعاد، بل ذكر العلماء فيه وجوهًا:
الأول: أنه قوله: {أنَّى} معناه: من أين.
ويحتمل أن يكون معناه: كيف تعطي ولدًا على القسم الأول أم على القسم الثاني، وذلك لأن حدوث الولد يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يعيد الله شبابه ثم يعطيه الولد مع شيخوخته، فقوله: {أنى يَكُونُ لِي غلام} معناه: كيف تعطي الولد على القسم الأول أم على القسم الثاني؟ فقيل له كذلك، أي على هذا الحال والله يفعل ما يشاء، وهذا القول ذكره الحسن والأصم.
والثاني: أن من كان آيسًا من الشيء مستبعدًا لحصوله ووقوعه إذا اتفق أن حصل له ذلك المقصود فربما صار كالمدهوش من شدة الفرح فيقول: كيف حصل هذا، ومن أين وقع هذا كمن يرى إنسانًا وهبه أموالًا عظيمة، يقول كيف وهبت هذه الأموال، ومن أين سمحت نفسك بهبتها؟ فكذا هاهنا لما كان زكريا عليه السلام مستبعدًا لذلك، ثم اتفق إجابة الله تعالى إليه، صار من عظم فرحه وسروره قال ذلك الكلام.
الثالث: أن الملائكة لما بشّروه بيحيى لم يعلم أنه يرزق الولد من جهة أنثى أو من صلبه، فذكر هذا الكلام لذلك الاحتمال.
الرابع: أن العبد إذا كان في غاية الاشتياق إلى شيء فطلبه من السيد، ثم إن السيد يعده بأنه سيعطيه بعد ذلك، فالتذ السائل بسماع ذلك الكلام، فربما أعاد السؤال ليعيد ذلك الجواب فحينئذ يلتذ بسماع تلك الإجابة مرة أخرى، فالسبب في إعادة زكريا هذا الكلام يحتمل أن يكون من هذا الباب.
الخامس: نقل سفيان بن عيينة أنه قال: كان دعاؤه قبل البشارة بستين سنة حتى كان قد نسي ذلك السؤال وقت البشارة فلما سمع البشارة زمان الشيخوخة لا جرم استبعد ذلك على مجرى العادة لا شكا في قدرة الله تعالى، فقال ما قال.